تأثير المتممات العلفية
على الإخصاب والحمل عند المجترات
مقدمة:
إن تطور العلوم المختلفة بما فيها العلوم الزراعية والبيطرية انعكس بشكل مباشر على زيادة إنتاجية الحيوانات الزراعية ، التي أصبحت تعطي كميات كبيرة من مادة الحليب وأعداد كثيرة من المواليد.
وبالتالي أصبحت تستخدم بشكل مكثف دون أن تعطي فترات راحة تستطيع أن تعيد فيها وضعها الفيزيولوجي إلى الحدود الطبيعية الدنيا اللازمة لاستمرارية غزارة هذا الإنتاج, ومع زيادة إنتاجها من الحليب (الذي أصبح أضعاف ماكانت تعطيه أسلافها من هذه المادة) وخروج كميات كبيرة من العناصر المعدنية والفيتامينات معه، ظهر كثير من الحالات المرضية غير الجرثومية التي أصابت الجهاز التناسلي وسببت كثير من حالات خمول المبايض إصرافات كاذبة، ودورات شبق غير منتظمة، واحتباسات للمشيمة، وبالتالي أصبحت الفترة بين ولادتين طويلة وغير اقتصادية بالنسبة للفلاح والمربي.
لهذا كان لابد من تدارك هذه الحالات المرضية بإضافات مناسبة من الفيتامينات والعناصر المعدنية الكبرى والصغرى، تستطيع الأبقار بموجبها أن تعيد وظائفها الفيزيولوجية إلى الوضع الطبيعي.
وسنقوم في هذه النشرة بدراسة مختصرة لتأثير هذه المتممات العلفية على الإخصاب عند المجترات علها تفيد مربي هذه الحيوانات في التخلص من بعض الأمراض المسببة لعقم حيواناتهم.
إن تأثير المتممات الغذائية على الوظيفة التناسلية والإخصاب عند الحيوانات غير واضح بالشكل الكافي، وذلك لعدم توفر طرق بسيطة ومؤكدة لتحديد هذه العناصر المعدنية في جسم الحيوان وأنسجته وسوائله الفيزيولوجية وكذلك لتعدد وظيفة هذه العناصر ولعلاقاتها مع كثير من الفيتامينات والهرمونات إضافة إلى علاقاتها مع بعضها البعض, وقبل البدء بهذه الدراسة لابد من الإشارة إلى بعض الأمور وهي:
1- قد يكون سبب الخلل في الوظيفة التناسلية عند الحيوانات غير متعلق بزيادة أو نقصان هذه العناصر في العليقة، وإنما مرتبط بسوء عملية امتصاص هذه المواد في الأمعاء نتيجة لمرض عضوي فيها.
2- تختلف مقدرة الحيوان على امتصاص العناصر المعدنية باختلاف نوع الأعلاف المقدمة له حيث وجد أن الحيوان يستطيع أن يمتص 50% فقط من الكالسيوم والفوسفور الموجود في الأعلاف الجافة، في حين أنه يمتص 90% من كالسيوم وفوسفور الأعلاف المركزة.
3- تؤثر حموضة التربة تأثيراً واضحاً على تواجد العناصر المعدنية في الأعلاف فلقد تبين أن التربة الحامضية (5.3-5.5 = PH ) ترفع من نسبة الإخصاب عند الأبقار. وقد تصل هذه النسبة إلى 70-80 في حين أن التربة القلوية تخفض من هذه النسبة. ويفسر ذلك بتواجد العناصر المعدنية بشكل كاف في الأعلاف المأخوذة من أرض حامضية.
اولاً : تأثير الكالسيوم والفوسفور:
سنقوم بدراسة هذين العنصرين معاً نظراً لارتباطهما الوثيق مع بعضهما البعض. يعتبر الفوسفور من أهم العناصر التي تشارك تقريباً في جميع العمليات الاستقلابية وتبادل العناصر داخل جسم الحيوان فهو:
أ- يدخل في تركيب الـATP (أدينوزين ثري فوسفات) الضروري لعمليات تبادل الطاقة.
ب- يعتبر من المواد الأساسية التي تدخل في تركيب الأحماض النووية الضرورية لعمليات نقل المعلومات الوراثية.
ج- يدخل في تركيب كثير من البروتينات الفوسفاتية الأساسية في الحيوانات المنوية.
ويلعب الكالسيوم دوراً هاماً في تنبيه الجهاز العصبي والعضلي عند الحيوانات. يتواجد 99% من كالسيوم الجسم في الهيكل العظمي والأسنان، أما الجزء المتبقي فيتواجد في سوائل الجسم، يبلغ تركيزه في بلازما الدم 9-12 ملغ% .
يتم امتصاص كل من الفوسفور والكالسيوم في الأمعاء الدقيقة ماعدا جزء بسيط يمتص في المعدة ، وتتوقف درجة امتصاص الفوسفور على عدة عوامل منها:
وجود الكالسيوم والأكسجين وفيتامين د الذي يساعد على انتقال الفوسفور من الغشاء المخاطي للأمعاء إلى الغشاء المصلي.
وعندما تزيد كمية الكالسيوم في العليقة عن الحد المطلوب يقوم فيتامين د بتنشيط امتصاص الفوسفور وتثبيط امتصاص الكالسيوم.
تأثير الكالسيوم والفوسفور على الإخصاب:
من الواضح والملاحظ أن الأبقار التي لايتم إخصابها في الأشهر الأولى بعد الولادة تصبح في وضع يصعب معه إخصابها فيما بعد وذلك بسبب ظهور إصرافات كاذبة ودورات شبق غير منتظمة وحالات خمول مبايض وتحوصلات دائمة.
ويجب أن لانفاجأ بهذه النتيجة إذا علمنا أنه يخرج مع لكل ليتر من الحليب 1.25 غ كالسيوم و1 غ فوسفور إضافة إلى كميات كبيرة من الفيتامينات والعناصر المعدنية مما ينعكس بشكل سلبي على جسم الحيوان عامة وعلى الجهاز التناسلي وخاصة وتصبح الأبقار في حالة عقم مؤقت قد يطول إلى أن يتم تعويض هذا النقص عن طريق إضافات لمتممات علفية.
يسبب انخفاض نسبة الفوسفور في العلائق الخضراء (خاصة أيام الجفاف) ضعفاً في الإخصاب نتيجة لحدوث خمول في وظائف المبايض وماينتج عنه من غياب للإصراف أو حدوث إصرافات كاذبة . وتشير التجارب في هذا المجال إلى أن نسبة الإخصاب كانت مرتفعة جداً في المزارع التي تحصل على 108% من حاجتها من مادة الفوسفور في حين كثرت مشاكل العقم في المزارع التي تحصل أبقارها على 79% فقط من الفوسفور اللازم لها.
يسبب نقص الفوسفور والكالسيوم في العلائق مايعرف بالنزيف الدموي بعد الإصراف والذي يؤدي في كثير من الأحوال إلى حالات عقم.
يوجد علاقة وثيقة بين خصوبة الأبقار ومحتوى التربة (التي تنمو فيها الأعلاف) بعنصر الفوسفور ويمكن درج هذه العلاقة بالجدول رقم (1).
الجدول رقم (1)
P2O2/100g تربة 2 4 6 8 10 12 14 16
دليل الحمل 3.2 2.6 2.5 2.4 2.3 1.9 1.7 1.4
وكما يلاحظ من الجدول أن أفضل نسبة إخصاب حصلت عندما كانت كمية P2O2 16 ملغ في كل 100 غر من التربة.
يعتبر مرض حمى اللبن المعروف من قبل كثير من المربين والذي يظهر بشكل خاص عند الحيوانات عالية الإدرار بعد ولادتها أو قبلها بقليل من أهم أعراض نقص الكالسيوم والفوسفور عند الأبقار.
ويمكن تلافي التأثير السلبي لنقص الفوسفور في العلائق بإضافة هذه المادة في العليقة بحيث لاتزيد نسبتها عن 10 غ في اليوم لأن إضافة كمية أكبر من 10 غ تؤثر سلبياً على الإخصاب. ويجب أن لانترك الأبقار التي تعاني من نقص عنصر الفوسفور بشكل فجائي في المراعي المحتوية على كميات كبيرة من البروتين، لأن مثل هذه الحالة تؤدي إلى تشكل غاز النشادر الحرفي كروش هذه الأبقار. ومن أهم صفات هذا الغاز أنه يمنع امتصاص الفوسفور والمغنزيوم.
لقد وجد أنه إذا كان تركيز الكالسيوم بالنسبة للفوسفور ( 1:1 أو 1:2 أو 1:3 ) فإن هذه النسبة تعتبر طبيعية وكلما بعدت هذه النسبة عن بعضها كلما انخفض معدل الإخصاب. ووجد أيضاً أن أفضل نسبة إصراف تكون عندما يحتوي كل 100 غ بروتين مهضوم على 3.5 -3.9 غ فوسفور وعلى 7-8 غ كالسيوم. وعلى الفلاحين والمربين مراعاة أنه يحدث نقص لكل من عنصري الكالسيوم والفوسفور في الأعلاف الخضراء وذلك في المراحل الأخيرة من نموها بسبب تشكل مادة الخشبين فيها. وفي هذه الحالة لايمتص أكثر من 30-50% من العناصر المعدنية الموجودة في مثل هذه النباتات.منقول